جميعا من أجل بيئتنا

خطابات صاحبة السمو الملكي

10 نونبر 2014 – ناغويا (اليابان)

10 نونبر 2014 – ناغويا  (اليابان)

 

خطاب صاحبة السمو الملكي الأميرة للا حسناء خلال المؤتمر العالمي لليونسكو للتربية من أجل التنمية المستدامة

أيشي ناغويا ( اليابان)

الحمـد لله، والصـلاة والسـلام عـلى مـولانـا رسـول الله وآلـه وصحبـه.

صاحب السمو الإمبراطوري ولي عهد اليابان،

صاحبة السمو الإمبراطوري ولية عهد اليابان،

السيدة إيرينا بوكوفا، المديرة العامة لليونسكو،

معالي السيد هاكوبون شيمومورا، وزير التربية و الثقافة و الرياضة و العلوم و التكنولوجيا اليابانية،

السيد هديكاي أهمورا ، محافظ أيشي،

السادة الوزراء،

حضـرات السيـدات والسـادة ،

ببالغ الإهتمام و عميق الإرتياح، أشارك في أشغال هذه الندوة العالمية، التي تنظمها كل من منظمة اليونسكو والحكومة اليابانية.

و يطيب لي أن أوجه تحية تقدير للسلطات اليابانية، على حفاوة الإستقبال، وحسن تنظيم هذه التظاهرة الدولية.

كما أتقدم بخالص عبارات الشكر و الإمتنان للمديرة العامة لمنظمة اليونسكو، على دعوتها الكريمة لي للمشاركة في هذا الملتقى كضيفة شرف.

إنها للحظة قوية للإحتفاء بنهاية عشرية الأمم المتحدة للتربية على خدمة التنمية المستدامة (2005-2014)، و إطلاق برنامج عمل جديد و شامل للسنوات القادمة.

إنها لحظة حاسمة لتقييم ما تم إنجازه، و الإستفادة من تجاربنا المشتركة، و تقوية التعبئة الجماعية. و هي فرصة سانحة يتعين اغتنامها للدفع قدما بالتربية من أجل التنمية المستدامة، بإعتبارها بعدا أساسيا ولا محيد عنه، في أي عمل شامل يهدف إلى حماية البيئة و خدمة التنمية البشرية و المستدامة.

حضـرات السيـدات والسـادة ؛

إن مؤسسة محمد السادس لحماية البيئة تتقاسم روح وقيم عشرية الأمم المتحدة من أجل التربية على التنمية المستدامة. فقد إنخرطت بطريقة مسبقة، في هذه العشرية، منذ إحداثها سنة 2001 من طرف صاحب الجلالة الملك محمد السادس.

إن المؤسسة التي أتشرف برئاستها، والتي تتمتع بإستقلالية كبيرة في عملها ووسائلها، هي أولا وقبل كل شيء، تعبير عن إرادة نابعة من أعلى مستوى في الدولة، لجعل المواطن في صلب استراتيجية التنمية المستدامة في بلدنا.

وفـي هـذا السياق، يكرس الدستور الجديد للمملكة، ودون أي لبس، الحق في التنمية المستدامة وفي بيئة سليمة.كما يكرس الدور المحوري الذي ينهض به كل من المجتمع المدني، والمنظمات غير الحكومية، في عملية توعية المواطن، و المشاركة في المبادرات العمومية.

إن التفكير والعمل من أجل البيئة، بمفهومها الواسع، ينطلق من الوعي التام بأن كوكب الأرض ليس فقط إرثا ثمينا، بل إنه أكثر من ذلك، أمانة جسيمة يتعين حملها تجاه الأجيال القادمة.

ومن هذا المنطلق، تضع مؤسسة محمد السادس الأجيال القادمة، في مقدمة أهداف برامجها ومبادراتها. فمن أجلها ومن خلالها، نعمل على نشر الوعي، و إشاعة قيم و سلوكيات التنمية المستدامة.

ذلك أن عمل مؤسسة محمد السادس، يبدأ من مؤسسات التعليم الأولي. فهي تراهن على إنبثاق جيل جديد، مسؤول بيئيا، و يؤمن بقيم التنمية المستدامة، و ذلك عبر شراكتها مع وزارة التربية الوطنية، وسعيها لحشد جهود جمعيات المدرسين والمربين، إلى جانب المنتخبين و المنظمات غير الحكومية المحلية و الفاعلين الإقتصاديين، و فية في ذلك للنهج الذي اختارت اتباعه.

أما على مستوى التعليم الثانوي، فنشاط المؤسسة يخاطب يقظة الشباب و حب الإستطلاع لديهم، لحملهم على إدراك مسؤولياتهم الفردية و الجماعية تجاه البيئة.

وتنكب المؤسسة حاليا على التحضير لإطلاق مركز للتربية على التنمية المستدامة، يشكل فضاء الموارد و تنمية الكفاءات.

كما أننا في المؤسسة ننظر للإعلام كفاعل و شريك أساسي، و نولي إهتماما خاصا لكل أشكال نشر الوعي و التعبئة، التي تتيحها اليوم التكنولوجيات الحديثة للإعلام، و شبكات التواصل الإجتماعي، خاصة بالنظر للمدى الأوسع و التأثير الكبير الذي قد تحظى به حملاتنا.

حضـرات السيـدات والسـادة ؛

إن من أكبر التحديات التي يتعين رفعها في مجال التربية على التنمية المستدامة ، تحقيق النجاعة و الفاعلية في عملنا الميداني و ذلك حتى لا تبقى جهودنا حبرا على ورق ، وخطابا صادقا وصائبا، و لكن دون تأثير ملموس أحيانا.

فشرح السلوكيات الصحيحة يظل غير كاف، إذا لم يكن مدعوما بالأمثلة المناسبة وذات صلة على أرض الواقع، مما يفرض تطوير منهج تربوي ناجع.

وفي إطار هذه المقاربة، التي تعتمد على التربية بضرب المثل، لابد من الإشارة إلى أن المشاريع الوطنية الكبرى، لايمكنها إلا أن تلعب دور القاطرة في هذا المجال، كما هو الشأن بالنسبة لمشروع الطاقة الشمسية المغربي الطموح، و الأكبر من نوعه في العالم، الذي يساهم في إبراز ميول ومهارات التلاميذ و الطلبة في مجال التكنولوجيات النظيفة، ويشجع على تنظيم مسابقات للإبتكار داخل المؤسسات التعليمية، وسباقات للسيارات التي تعمل بالطاقة الشمسية ، و غيرها من المبادرات الحميدة .

فكل برامج مؤسستنا تقوم على مبدأين متلازمين ، وهما : التربية و العمل. وعلى أساسهما نقوم بحشد و تعبئة كل مكونات المجتمع حول أهداف ملموسة ، تهم المواطن مباشرة ، تربوية في جوهرها ، و ذات بعد محلي. فشعار مؤسستنا هو : ” جميعا من أجل البيئة”

و سواء تعلق الامر بمبادرة ” شواطئ نظيفة” – علما بأن طول سواحل المغرب يقارب 3600 كلم – أو بمشروع حماية واحة النخيل بمراكش ، او تأهيل الحدائق و المنتزهات التاريخية للمملكة ، أو تحسين جودة الهواء، فنحن في كل مرة نعرض مقاربتنا بطريقة ملموسة و عملية ، تبرز آليات تدهور تراثنا الطبيعي، وسبل الحفاظ عليه.

فخلال إعداد التقرير الوطني الخاص بمؤتمر ” ريو + 20″ في 2012، بادرت المؤسسة إلى تنظيم منتدى حول الإستهلاك المسؤول ، شكل مناسبة لمجموعة من تلامذة التعليم الثانوي التأهيلي، لتبادل الافكار مع مسؤولين و فاعلين و إعلاميين من المجتمع المدني ، و فرصة لطرح مجموعة من التوصيات السديدة و العملية.

وقد تم تكرار التجربة السنة الموالية ، بمناسبة المؤتمر العالمي السابع للتربية البيئية، الذي استضافته مدينة مراكش في 2013 ، حيث تم إشراك التلاميذ ، و أنيط بهم دور الصحافة المواطنة.

وفي الختام ، اود أن أذكر بأهمية و دور التربية الدينية ، التي لا يجب إقصاؤها من الجهد الجماعي ، بل ينبغي أن تشكل جزءا من هذا الجهد ، لأنها تمكن من حشد الموارد الرمزية المرتبطة بالرصيد غير المادي للامم ، حيث يمكن تسخيرها مثلا في خدمة التوعية بأهمية الإقتصاد في استعمال الموارد المائية. و يتعلق الامر هنا برافد اساسي لا يجب إغفاله في مجال التربية على التنمية المستدامة.

حضـرات السيـدات والسـادة ؛

لازال هناك الكثير مما يجب القيام به في مجال التربية في خدمة التنمية المستدامة، فالجميع مطالب، كل من موقعه و حسب إمكانياته، بالمساهمة في هذا المجهود الجماعي ، مهما كانت مساهمته بسيطة، و ذلك بروح المثابرة ، وفي إطار ترابط شامل.

فهذا الترابط الشامل، بالإضافة لتوفير سبل النجاح لهذه التجربة ، هو الرهان المزدوج الذي علينا رفعه خلال العشرية القادمة، التي حددت لها رزمانة الأمم المتحدة لما بعد 2015 أهدافا جديدة.

وأود هنا أن أشيد بريادة اليونسكو في مجال التربية على التنمية المستدامة، كما أتوجه بالتحية لكل الاطراف المنخرطة في أرضيات العمل المقترحة.

إن الجميع مطالب بأخذ معيار الاتساق و الترابط بعين الإعتبار : في الشمال كما في الجنوب ، وعلى مستوى الدول و المحافل الدولية على حد سواء، وعلى نفس درجة أهمية مطلبي النجاعة و الفعالية، التي تفتقدها أحيانا العديد من العمليات ، و ذلك رغم كل النوايا الحسنة التي يحملها من يقفون وراءها.

إن التربية على التنمية المستدامة مهمة صعبة ، ومعركة طويلة الأمد ، لأنها تستهدف العقليات ، و تسعى لتغيير ردود الأفعال التلقائية و السلوكيات داخل مجتمعنا. إنها مهمة تتطلب نفسا طويلا و متواصلا ، تتناقله الاجيال المتعاقبة ، يكون في مستوى تطلعنا لبروز مواطنة عالمية ، واعية وملتزمة ومسؤولة تجاه مستقبلها.

شكرا لكم.

والسـلام عليكـم ورحمـة الله تعـالـى وبـركـاتـه.

 

الأعلى
خطاب
08 ديسمبر 2023

صاحبة السمو الملكي الأميرة للا حسناء في الدورة الثامنة والعشرين لمؤتمر الأطراف جلسة رفيعة المستوى حول شراكة التعليم الأخضر – الجمعة 8 ديسمبر 2023

صاحبة السمو الملكي الأميرة للا حسناء في الدورة الثامنة والعشرين لمؤتمر الأطراف جلسة رفيعة المستوى حول شراكة التعليم الأخضر – الجمعة 8 ديسمبر 2023